فصل: الْبَحْث الثَّالِث فِي تَرْتِيب الْأَوْلِيَاء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.السَّبَبُ السَّابِعُ وَالثَّامِن: الْكفَالَة والالتقاط:

قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ قِيلَ لَا وِلَايَةَ لَهُمَا لِعَدَمِ الْقَرَابَةِ وَقِيلَ لَهُمَا لِأَنَّ الْكَفَالَةَ وَالِالْتِقَاطَ يَتَضَمَّنَانِ حُسْنَ النَّظَرِ وَالْخِلَافُ جَارٍ فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ هَلْ تَقُومَانِ مَقَامَ الْوَصِيِّ أَمْ لَا.

.السَّبَب التَّاسِع الْإِسْلَام:

وَهِيَ الْوِلَايَةُ الْعَامَّةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} التَّوْبَة 71 وَفِي الْكِتَابِ إِذَا وَكَّلَتِ الدَّنِيَّةُ كَالْمُعْتَقَةِ وَالْمِسْكِينَةِ أَجْنَبِيًّا فِي بَلَدٍ لَيْسَ فِيهِ سُلْطَانٌ أَوْ فِيهِ لَكِنْ يَعْسُرُ وُصُولُهَا إِلَيْهِ وَلَا وَلِيَّ لَهَا جَازَ وَمَنْ أَسْلَمَتْ عَلَى يَدَيْهِ أَوْ أَبُوهَا لَا يَصِيرُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ الْكَافِلُ فِي الدَّنِيَّةِ وَلَوْ وَكَّلَتْ ذَاتُ الْقَدْرِ غَيْرَ وَلِيِّهَا فَزَوَّجَهَا فَرَضِيَ الْوَلِيُّ تَوَقَّفَ فِيهِ مَالِكٌ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِطَلْقَةٍ وَإِنْ دَخَلَ بِهَا إِلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَلِيُّ أَوِ السُّلْطَانُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ أَجَازَ الْوَلِيُّ بِالْقُرْبِ جَازَ وَإِنْ فَسَخَهُ بِالْقُرْبِ انْفَسَخَ أَمَّا بَعْدَ الطَّوْلِ وَالْأَوْلَادِ فَلَا إِن كَانَ صَوَابًا قَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يجوز وَإِن أجَازه الْوَلِيّ قَالَ اللَّخْمِيّ فِيهَا خَمْسَةُ أَقْوَالٍ الثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَرُوِيَ إِمْضَاؤُهُ بِالْعَقْدِ وَقَالَ الْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ الدُّخُولَ فَوْتٌ وَفِي السَّلْمَانِيَّةِ يُفْسَخُ وَلَوْ وَلَدَتِ الْأَوْلَادَ وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْمَذْهَبُ أَنَّ ولَايَة الْإِسْلَام صَحِيحَة وَأَن للْوَلِيّ منع وليته مِنَ الْوُقُوعِ فِي الْمَعَرَّةِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ تَقْدِيمُ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تفِيد الْإِجَازَة أَوله فَتُفِيدَ إِجَازَتُهُ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَهَلْ ذَلِكَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ.
فرع:
فَلَوْ وَكَّلَتْ أَجْنَبِيًّا فَزَوَّجَهَا وَلَهَا وَلِيَّانِ أَقْرَبُ وَأَبْعَدُ فَأَجَازَهُ الْأَبْعَدُ وَرَدَّهُ الْأَقْرَبُ رُدَّ بِخِلَافِ عَقْدِ الْأَبْعَدِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ عَقَدَهُ ولي وَهَا هُنَا أَجْنَبِيٌّ فَإِنْ غَابَ الْأَقْرَبُ وَأَرَادَ الْأَبْعَدُ فَسْخَهُ بعث إِلَيْهِ السُّلْطَان وانتظره إِن كَانَ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً وَإِلَّا فَالسُّلْطَانُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي الرَّدِّ وَالْإِجَازَةِ وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْبَعِيدِ لِأَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا زَوَّجَ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ الْخَاصَّةِ الْإِجْبَارِيَّةِ كَالْأَبِ وَالسَّيِّدِ فُسِخَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَيْسَ لِلْأَبِ وَالسَّيِّدِ إِجَازَتُهُ لِقُوَّةِ حَقِّ وِلَايَةِ الْإِجْبَارِ لِلَّهِ تَعَالَى نَظَرًا لمولى عَلَيْهِ وَرُوِيَ فِي السَّيِّدِ الْإِجَازَةُ تَغْلِيبًا لِحَقِّهِ بِسَبَبِ الْمَالِيَّةِ وَعَنْهُ رِوَايَةٌ فِي الدَّنِيَّةِ لَا تَجُوزُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ الْخَاصَّةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ وِلَايَةٌ خَاصَّةٌ إِلَّا وِلَايَةُ الْحَكَمِ مُنِعَ الْولَايَة الْعَامَّة وَلَو فِي الدنية لَيْلًا تضيع الْفروج وَجوزهُ مرّة فِي الْبَادِيَةِ إِذَا كَانَ صَوَابًا لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ امْرَأَةٍ تَصِلُ إِلَى السُّلْطَانِ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ جَوَازَهُ فِي الدَّنِيَّةِ وَأَنْكَرَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَّا فِي الْعَجَمِيَّةِ الْوَغْدَةِ تَسْتَنِدُ إِلَى الرَّجُلِ فَيَصِيرُ لَهَا نَاظِرًا فِي مَصَالِحِهَا كَمَوْلَاتِهِ ثُمَّ حَيْثُ قُلْنَا بِالْفَسْخِ فَلَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْفَسْخُ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ.
فرع:
قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْإِجَازَةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَيَتَوَارَثَانِ وَيَنْفُذُ الْخُلْعُ بِالْمَالِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إِنْ مَاتَ ورثته أَو مَاتَت كَانَ للْوَلِيّ مَنعه الْمِيرَاثَ وَهُوَ يُفْسَخُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَإِنْ كَانَ صَوَابًا.

.الْبَحْثُ الثَّانِي فِي مَوَانِعِهَا:

وَهِيَ سَبْعَةٌ:

.الْمَانِعُ الْأَوَّلُ اخْتِلَافُ الدِّينِ:

لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} الْأَنْفَال 72 وقَوْله تَعَالَى {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بعض} وَقَوْلِهِ {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} الْأَنْفَال 73 مَفْهُومُهُ لَا يَلِي أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَفِي الْكِتَابِ لَا يَعْقِدُ النَّصْرَانِيُّ لِمُسْلِمَةٍ وَيَعْقِدُ لِوَلِيَّتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ مُسْلِمٍ إِنْ شَاءَ يَعْقِدُهُ وَلِيُّهَا الْمُسْلِمُ إِلَّا الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ نسَاء الْجِزْيَةِ قَدْ أَعْتَقَهَا مُسْلِمٌ وَلَا يَعْقِدُ الْمُرْتَدُّ فَإِنْ عَقَدَ هُوَ أَوْ نَصَرَانِيٌّ فُسِخَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَهَا الْمَهْرُ بِالْمَسِيسِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ كَانَتِ الْمُعْتَقَةُ مِنْ نِسَاءِ الْجِزْيَةِ لَا يُزَوِّجْهَا مُسْلِمٌ مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا غَيْرِهِ فَإِنْ زَوَّجَهَا مِنْ مُسْلِمٍ فُسِخَ نِكَاحُهُ لِعَدَمِ الْوَلِيِّ أَوْ مِنْ نَصْرَانِيٍّ لَمْ يُفْسَخْ لِكَوْنِهِ بَيْنَ نَصْرَانِيَّيْنِ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُمَا قَالَ أَصْبَغُ إِذَا زَوَّجَ الْمُسْلِمُ النَّصْرَانِيَّةَ مِنْ مُسْلِمٍ لَمْ أَفْسَخْهُ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ النَّصْرَانِيِّ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ لَمْ يَجُزْ لِوَلِيِّهَا الْمُسْلِمِ تَزْوِيجُهَا وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهَا جِزْيَةٌ أَوْ لَمْ تَكُنْ قَالَهُ مَالِكٌ وَالْمَنْعُ مُطْلَقًا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْجَوَازُ مُطْلَقًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا وَلِيٌّ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ فَلَهُمْ مَنْعُهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ عِنْدَهُمْ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ لَا خِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ بَلْ إِنْ كَانَتِ الْكَافِرَةُ ذَاتَ جِزْيَةٍ مُنِعَ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الصُّلْحِ أَمْ لَا وَإِلَّا زَوَّجَهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالنَّصْرَانِيَّةُ لَا وَلِيَّ لَهَا تُوَلِّي مُسْلِمًا لَا يَعْقِدُ وَلِلْمُسْلِمِ تَزْوِيجُ أَمَتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ مَنْ نَصْرَانِيٍّ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَنْمِيَةِ الْمَالِ لَا مِنْ بَابِ مُعَاقَدَةِ الْأَدْيَانِ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَلَا يَسْتَخْلِفُ النَّصْرَانِيُّ مَنْ يُزَوِّجُ وَلَا يَطْلُبُ رِضَاهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَصِيًّا لِمُسْلِمٍ وَأَجَازَهُ الْإِمَامُ فَلَهُ اسْتِخْلَافُ مُسْلِمٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ لِمُسْلِمٍ عَلَى نَصْرَانِيَّةٍ إِلَّا مِنْ مُسْلِمٍ.
فرع:
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا تَزَوَّجَ الْحَرْبِيُّ ذِمِّيَّةً أَوِ الذِّمِّيُّ حَرْبِيَّةً فَالْوَلَدُ تَبَعٌ لِلْأَبِ فِي الْعَقْدِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّهُمَا مِنْ آثَارِ الدِّينِ وَالْوَلَدُ تَابِعٌ لِأَبِيهِ فِي الدِّينِ وَفِي الْكِتَابِ تَبَعٌ لِلْأُمِّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ تَبَعٌ لِذِي الْعَقْدِ مِنْهُمَا وَلَا خِلَافَ أَنَّ وَلَدَ الْحُرِّ مِنَ الْأَمَةِ رَقِيقٌ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ.

.الْمَانِعُ الثَّانِي الرِّقُّ:

لِأَنَّهُ فَرْعُ الْكُفْرِ وَلِأَنَّ الْوِلَايَةَ مَنْصِبٌ وَاسْتِيلَاءٌ فَلَا تَثْبُتُ مَعَ الرِّقِّ كَالشَّهَادَةِ وَالْمَنَاصِبِ الْعَلِيَّةِ وَقَالَهُ ح وَابْنُ حَنْبَلٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْقبُول لنَفسِهِ لِأَنَّهُ لَا يتَضَرَّر بِنَفسِهِ وَلَا فِي الْوَكَالَةِ لِغَيْرِهِ لِأَنَّ سلْطَنَة الْمُوَكَّلَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْوِلَايَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَفِي الْكِتَابِ الْعَبْدُ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ يُفْسَخُ مَا عَقَدُوهُ وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَهَا الْمَهْرُ بِالْمَسِيسِ فَلَوْ كَانَتْ الِابْنَةُ حُرَّةً فَأَرَادَ الْأَوْلِيَاءُ الْإِجَازَةَ لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ الْوَلِيِّ وَالْعَبْدُ إِذَا اسْتَخْلَفَهُ حُرٌّ فَلْيُوَكِّلْ غَيْرَهُ عَلَى الْعَقْدِ وَلِلْمُكَاتَبِ إِنْكَاحُ إِمَائِهِ ابْتِغَاءَ الْفَضْلِ وَإِنْ كَرِهَ السَّيِّدُ لِأَنَّهُ يُنَمِّي مَالَهُ وَلِغَيْرِ ابْتِغَاءِ الْفَضْلِ بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ وَلَهُ رَدُّهُ وَلَا يَتَزَوَّجُ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَلَا مِيرَاثَ فِيمَا عَقَدَهُ الْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ وَإِنْ فُسِخَ بِطَلَاقٍ لِضَعْفِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِنْ جَهِلَ الْعَبْدُ فَاسْتَخْلَفَ عَلَى عَقْدِ ابْنَتِهِ الْحُرَّةِ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ.

.الْمَانِعُ الثَّالِثُ مَا يَقْدَحُ فِي النَّظَرِ كَالصِّبَا وَالْجُنُونِ:

وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ وَفِي الْجَوَاهِرِ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ لِأَنَّ الشَّرْعَ إِنَّمَا يُقِرُّ فِي كُلِّ وِلَايَةٍ مَنْ يَقُومُ لِمَصَالِحِهَا.

.الْمَانِعُ الرَّابِعُ السَّفَهُ:

فَفِي الْجَوَاهِرِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُمْنَعُ بَلْ يَعْقِدُ عَلَى ابْنَتِهِ بِإِذْنِ وَلَيِّهِ لِأَنَّ شَفَقَةَ طَبْعِهِ لَا تُحْتَرَمُ بِتَبْذِيرِهِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُمْنَعُ وَتُنْقَلُ الْوِلَايَةُ لِوَلِيِّهِ وَقَالَ ش لِأَنَّ مَنْ لَا يُؤْتَمَنُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْلَى أَنْ لَا يُؤْتَمَنَ عَلَى غَيْرِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا لَمْ يُوَلَّ عَلَيْهِ وَهُوَ ذُو رَأْيٍ عَقَدَ.
تَفْرِيعٌ:
قَالَ إِنْ عَقَدَ لِابْنَتِهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ لِوَلِيِّهِ إِجَازَتُهُ وَرَدُّهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مَضَى عَقْدُهُ إِنْ كَانَ صَوَابًا وَكَذَلِكَ أُخْتُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ قَوْلُهُ صَحِيحٌ إِلَّا قَوْلَهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَلِيٌّ فَيَجُوزُ بَلْ يَبْطُلُ مِنَ الْجَمِيعِ غَيْرُ الصَّوَابِ قَالَ اللَّخْمِيُّ إِنْ كَانَ ذَا عَقْلٍ وَدِينٍ غَيْرَ أَنَّهُ غَيْرُ مُمْسِكٍ لِمَالِهِ جَبَرَ ابْنَتَهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ لِأَنَّ الْوَجْهَ الَّذِي عجز عَنهُ غير الَّذِي طلب مِنْهُ وتستحب مُطَالَعَةُ الْوَصِيِّ وَإِنْ نَقَصَ تَمْيِيزُهُ نَظَرَ الْوَلِيُّ وَلَا يُزَوّج إِلَّا بعد الْبلُوغ والاستيذان كَالْيَتِيمَةِ وَيَعْقِدُ الْأَبُ إِلَّا أَنْ يَعْدِمَ الْعَقْلَ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا زَوَّجَ السَّفِيهُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ الَّذِي لَا رَأْيَ لَهُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ أَوْ أُخْتَهُ أَوْ مَوْلَاتَهُ أَوْ أَمَتَهُ فُسِخَ وَقِيلَ يُنْظَرُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ ذَا رَأْيٍ فَعَلَيْهِ الْقَوْلُ بِقَوْلِهِ أَوْ زَوَّجَ غَيْرُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ الَّذِي لَا رَأْيَ لَهُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ نُظِرَ فِيهِ أَوْ أُخْتَهُ مَضَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ صَوَابٍ أَوْ أَمَتَهُ جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ الَّذِي لَا رَأْيَ لَهُ نِكَاحٌ وَلَا خِلَافَ أَنَّ السَّفِيهَ لَا يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَاخْتُلِفَ هَلْ لِوَصِيِّهِ تَزْوِيجُ بَنَاتِهِ الْأَبْكَارِ بَعْدَ بُلُوغِهِنَّ وَأَمَّا أَخَوَاتُهُ وَعَمَّاتُهُ وَمَوْلَاتُهُ فَلَا يُزَوِّجُهُنَّ فَإِنْ فَعَلَ مَضَى وَقَالَ أَصْبَغُ الْأَوْلِيَاءُ أَحَقُّ مِنْهُ وَلَهُ ذَلِكَ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ.

.الْمَانِعُ الْخَامِسُ الْفِسْقُ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَشْهُورُ عَدَمُ مَنْعِهِ وَقَالَهُ ش لِأَنَّ حَمِيَّتَهُ تَمْنَعُ إِيقَاعَ وَلِيَّتِهُ فِي الدَّنِيَّاتِ وَقِيلَ يُمْنَعُ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُونٍ عَلَى نَفْسِهِ فَأَوْلَى عَلَى غَيْرِهِ.

.الْمَانِعُ السَّادِسُ غَيْبَةُ الْوَلِيِّ:

قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ نَظَرَ السُّلْطَانُ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ تَحْصِيلًا لِمَصْلَحَةِ النِّكَاحِ وَقِيلَ لَا يَنْظُرُ حَتَّى يُقَدِّمَ الْوَلِيُّ حِفْظًا لِحَقِّ الْوِلَايَةِ فَإِنْ غَابَ الْأَقْرَبُ وَحَضَرَ الْأَبْعَدُ قِيلَ حَقُّ الْغَائِبِ قَائِمٌ وَالسُّلْطَانُ وَكِيلُهُ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ لِعَدَمِ قَبُولِهِ لِلْوِكَالَةِ وَقِيلَ يَنْتَقِلُ لِلْحَاضِرِ صَوْنًا لِمَصْلَحَةِ الْوَلِيَّةِ وَإِذَا غَابَ الْأَبُ عَنِ الْبِكْرِ وَلَمْ تَدْعُ لِلزَّوَاجِ لَا تُزَوَّجُ إِنْ كَانَتْ فِي صِيَانَةٍ وَإِنْ دَعَتْ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ نَفَقَةٌ وَهِيَ مُحْتَاجَةٌ زُوِّجَتْ وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ جَارِيَةً عَلَيْهَا وَهُوَ أَسِيرٌ أَوْ فَقِيرٌ زُوِّجَتْ لِتَعَذُّرِ قُدُومِهِ فَإِنْ عَلِمَتْ حَيَاتَهُ وَلَيْسَ أَسِيرًا فَظَاهِرُ الْكِتَابِ تُزَوَّجُ وَقَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا تُزَوَّجُ خَشْيَةً مِنَ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ إِذَا كَانَتْ غَيْبَةُ الْأَبِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهَا فَلَا خِلَافَ فِي الْمَنْعِ فَإِنْ زُوِّجَتْ فُسِخَ أَوْ بَعِيدَةً نَحْوَ إِفْرِيقِيَا مِنْ مِصْرَ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْإِمَامُ يُزَوِّجُهَا إِذَا دَعَتْ لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ جَارِيَةً وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا وَلَا اسْتَوْطَنَ الْبَلَدَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأُخِذَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ لَا يُرِيدُ الْمَقَامَ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ الَّتِي ذَهَبَ إِلَيْهَا لَا يُزَوِّجُ السُّلْطَانُ ابْنَتَهُ الْقَوْلُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ لَا تُزَوَّجُ إِلَّا أَنْ يَسْتَوْطِنَ الْعِشْرِينَ سَنَةً وَيُيْأَسَ مِنْ رَجْعَتِهِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ مَالِكٌ أَيْضًا يُمْنَعُ أَبَدًا إِلَّا إِنْ كَانَ أَسِيرًا أَوْ فَقِيرا فَلَا خِلَافَ أَنَّ الْإِمَامَ يُزَوِّجُهَا إِذَا دَعَتْ لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ فِي نَفَقَتِهِ وَأُمِنَ عَلَيْهَا.

.الْمَانِعُ السَّابِعُ الْإِحْرَامُ:

وَهُوَ يَسْلُبُ عِبَادَةَ الْمُحَرِمِ فِي النِّكَاحِ وَالْإِنْكَاحِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي الْحَج.

.الْبَحْث الثَّالِث فِي تَرْتِيب الْأَوْلِيَاء:

قَاعِدَةٌ:
إِنَّمَا يُقَدِّمُ الشَّرْعُ فِي كُلِّ وِلَايَةٍ مَنْ هُوَ أَقْوَمُ بِمَصَالِحِهَا فَلِلْقَضَاءِ الْعَارِفُ بِالْفِقْهِ وَأَحْوَالِ الْخُصُومِ وَالْبَيِّنَاتِ وَلِلْحُرُوبِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَكَائِدِهَا وَسِيَاسَةِ جُيُوشِهَا وَلَا يُقَدِّمُ هَذَا لِلْقَضَاءِ وَلَا الأول للحروب وَكَذَلِكَ سَائِر الولايات وَرُبَّ كَامِلٍ فِي وِلَايَةٍ نَاقِصٌ فِي أُخْرَى كَالنِّسَاءِ نَاقِصَاتٌ فِي الْحُرُوبِ كَامِلَاتٌ فِي الْحَضَانَةِ لِمَزِيدِ شَفَقَتِهِنَّ وَصَبْرِهِنَّ فَيُقَدَّمْنَ عَلَى الرِّجَالِ فَكَذَلِك هَا هُنَا إِذَا اجْتَمَعَ الْأَوْلِيَاءُ يُقَدَّمُ مَنْ وَصْفُهُ أَقْرَبُ لحسن النَّظَرِ فِي الْوَلِيَّةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ النَّسَبُ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ وَأَوْلَى النَّسَبِ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُ الِابْنِ ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْأَخُ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ الْعَمُّ ثمَّ ابْن الْعم وَإِن سفل وَأَسْبَاب التَّقَدُّم هَا هُنَا هِيَ أَسْبَابُ التَّقَدُّمِ فِي الْمَوَارِيثِ وَسَوَّى فِي الْكتاب بَين الْأَخ الشَّقِيق لِلْأَبِ نَظَرًا إِلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إِنَّمَا هُوَ جِهَةُ الْأَبِ وَالْأُمُومَةُ وَالْإِدْلَاءُ بِهَا سَاقِطٌ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَقَدْ قُدِّمَ الشَّقِيقُ فِي كِتَابِ ابْن حبيب وَجعل الأمومة مرجحة كالميراث وَالْجَوَاب فِي أَبْنَائِهِمَا وَفِي الْعَمَّيْنِ أَحَدُهُمَا شَقِيقٌ وَالْآخَرُ لِلْأَبِ وَفِي أَبْنَائِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ عُمُومَةٌ فَالرَّجُلُ مِنَ الْعَصَبَةِ ثُمَّ مِنَ الْبَطْنِ ثُمَّ مِنَ الْعَشِيرَةِ ثُمَّ الْمَوْلَى الْأَعْلَى ثُمَّ الْأَسْفَلُ ثُمَّ وِلَايَةُ الْإِسْلَامِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ الْمَشْهُورُ تَقْدِيمُ الِابْنِ فِي الثَّيِّبِ عَلَى غَيره وَقيل يقدم الْوَلِيّ عَلَيْهِ وَفِي الْجَوَاهِر رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الْأَبُ ثُمَّ الِابْنُ نَظَرًا إِلَى مَزِيدِ الشَّفَقَةِ وَقَالَهُ ابْنُ حَنْبَلٍ وَوَافَقَنَا فِي بَقِيَّةِ التَّرْتِيبِ وَقَدَّمَ الْمُغِيرَةُ الْجَدَّ وَأَبَاهُ عَلَى الْأَخِ وَابْنِهِ كَالْمِيرَاثِ وَقَالَهُ ش وَبَقِيَّةُ التَّرْتِيبِ عِنْده كَمَذْهَبِنَا إِلَّا الِابْنَ فَإِنَّهُ عِنْدَهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ أَلْبَتَّةَ.
تَمْهِيدٌ:
قُدِّمَ الْأَخُ عَلَى الْجَدِّ فِي ثَلَاثَة أَبْوَاب النِّكَاح وَالصَّلَاة على الْجِنَازَة وَمِيرَاثِ الْوَلَاءِ بِخِلَافِ مِيرَاثِ النَّسَبِ وَسَبَبُهُ أَنَّ الْجَدَّ يُدْلِي بِالْأُبُوَّةِ فَيَقُولُ أَنَا أَبُو أَبِيهِ وَالْأَخ يُدْلِي بالبنوة فَيَقُول أَنَا ابْنُ أَبِيهِ وَالْبُنُوَّةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأُبُوَّةِ يحجب الِابْنُ الْأَبَ عَنْ جُمْلَةِ الْمَالِ إِلَى السُّدُسِ فَهَذِهِ الْعُمْدَةُ فِي الْأَبْوَابِ الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَلِأَن الْجد يسْقط فِيهِ الْإِخْوَة للْأُم وَلَا يَقْدِرُ الْأَخُ عَلَى ذَلِكَ وَيَرِثُ مَعَ الِابْنِ بِخِلَافِهِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ لِذَلِكَ وَهَذَانِ مَنْفِيَّانِ فِي الْوَلَاءِ لِأَنَّهُ تَعْصِيبٌ مَحْضٌ فَلَا مَدْخَلَ فِيهِ لِإِخْوَةِ الْأُمِّ حَتَّى يَثْبُتَ التَّرْجِيحُ بِحُجَّتِهِمْ وَلَا مَدْخَلَ فِيهِ لِلْفُرُوضِ فَيَسْقُطَ السُّدُسُ الَّذِي يَرِثهُ مَعَ الابْن فَيبقى نصف الْبُنُوَّةِ سَالِمًا عَنِ الْمُعَارِضِ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ قَالَ الْعَبْدِيُّ وَالْجَدُّ أَقْوَى مِنَ الْأَخِ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ لَا يُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ كَالْأَبِ وَلَا يُحَدُّ فِي الزِّنَا بِجَارِيَةِ وَلَدِ وَلَدِهِ وَتُغَلَّظُ الدِّيَة عَلَيْهِ فِي قتل الْعَمْدِ بِخِلَافِ الْأَخِ فِي الثَّلَاثَةِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَكُونُ الْجَدُّ كَالْأَبِ فِي الِاعْتِصَارِ مَنَعَهُ فِي الْكِتَابِ وَيُحْبَسُ فِي الدَّيْنِ بِخِلَافِ الْأَبِ وَلَا تجب النَّفَقَةُ لَهُ وَهُوَ مِثْلُ الْأَخِ فِي الْعَفْوِ عَنِ الْقَصَاصِ وَفِي الْجَوَاهِرِ إِذَا مَاتَ الْمُعْتِقُ فعصابته ثمَّ مُعْتقه ثمَّ عِصَابَة مُعْتقه يترتبون كعصبة لقرابة قَالَ اللَّخْمِيُّ إِذَا كَانَ وَلِيُّ النَّسَبِ بَعِيدًا جِدًّا فَالْمَذْهَبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى السُّلْطَانِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ السُّلْطَانُ أَوْلَى مِنَ الرَّجُلِ مِنَ الْبَطْنِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ أَنْ تُوَكِّلَ عَدْلًا فَإِنِ اسْتَوَى أَوْلِيَاؤُهَا فِي الدَّرَجَةِ فَفِي الْكِتَابِ يَنْظُرُ السُّلْطَانُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بَلْ أَفْضَلُهُمْ فَإِنْ اسْتَوُوا فَأَسْبَقُهُمْ فَإِنْ اسْتَوُوا عَقَدَ الْجَمِيعُ الْعَقْدَ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ لِجَمِيعِهِمْ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ أَفْضَلُ كَانَ حَسَنًا لِأَنَّ نَظَرَ الْمَفْضُولِ إِلَى الْفَاضِلِ لَا يَضُرُّ.